في حريملاء أسرة سعودية تتوارث "الرقية الشرعية"










الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله القضيب -رحمه الله-


الأب يوصي أبناءه بعدم بيع كلام الله.. و100 مريض يوميا على مدار العام
أسرة سعودية تتوارث "الرقية الشرعية".. وتعالج الناس مجانا

"الرقية الشرعية" إحدى طرق العلاج من الأمراض منذ عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتقوم أساسا على قراءة آيات من القرآن الكريم على المصابين بالأمراض وأحاديث نقلت عن الرسول الكريم كان يعالج بها المرضى. وتعد "الرقية الشرعية" في المجتمعات الإسلامية من الأمور المتداولة بشكل كبير، وخصوصا لدى المجتمع السعودي، في ظل انتشار الأمراض النفسية والعضوية بشكل كبير.

في محافظة حريملاء (90 كيلومترا شمال الرياض)، وفي مسجد لا تتجاوز مساحته 100 متر مربع يتهافت الناس من خارج المحافظة للعلاج بالرقية الشرعية التي اشتهرت بقراءتها أسرة كريمة من أسر المحافظة، تعاقبت عليها أجيال الأسرة منذ سنوات دون مقابل مالي. ويعرف المسجد الواقع في منطقة "حريملاء القديمة" بمسجد "ابن قضيب"، حيث كان مؤسس المسجد وشيخه وقارئ الرقية الشرعية آنذاك هو الشيخ "عبد الله بن قضيب"، الذي انتقل إلى رحمة الله قبل عدة سنوات بعد أن أفنى وقته وجهده في مجال الرقية الشرعية وبالمجان، حتى أنه اشتهر برفضه الهدايا العينية التي يجلبها بعض المرضى.

وبعد رحيل "عبد الله بن قضيب" عن عمر تجاوز 80 عاما قبل عدة سنوات، واصل ابناه عبد الرحمن وقضيب الرقية على الناس، متتبعين سيرة أبيهم دون الحصول على أموال أو هدايا عينية على الرغم من المحاولات التي يقدمها المرضى لهم، متمسكين بنصيحة أبيهم التي كان يكررها دائما "كلام الله لا يباع ولا يشترى".

مسجد "ابن قضيب" في حريملاء يستقبل يوميا الكثير من المواطنين بشكل مكثف ومتواصل يصل في اليوم إلى أكثر من مائة شخص، بدءا من بعد صلاة الظهر وحتى صلاة العشاء وعلى مدار العام. "الاقتصادية" التقت أحد مراجعي الرقية الشرعية (ناصر المطوع)، وذكر لنا أنه قدم من خارج المنطقة بعد إصابته بعين منعته من النوم وجعلته يواصل السهر، مشيرا إلى أن سمعة أبناء الشيخ ابن قضيب وصلت إلى قريته في المنطقة الغربية، وأنه يعرف كثيرين ممن تعافوا من العين بسبب قراءتهم وعدم طلبهم مبالغ مالية كما يفعل بقية الرقاة في مختلف المناطق.

المطوع استأجر منزلا في محافظة حريملاء لمواصلة الرقية دون انقطاع كما ذكر لنا، ويحرص على شراء الماء المقروء فيه بسعر تكلفة علب المياه نفسها، حيث يشتري أربعة قوارير من المياه الصحية بسعر لا يتجاوز عشرة ريالات فقط، وهذا الأمر يتنافى مع ما يفعله رقاة آخرون يضعون أجورا باهظة على الماء والزيت والعسل الذي يبيعونه للمرضى، ليضمنوا جمع المال من خلال معالجة الناس، وهو ما أفقد "الرقية الشرعية" قيمتها الحقيقية لدى هؤلاء، أما أبناء "ابن قضيب" فهم يرفضون ذلك، ولذلك يثق الناس بهم وبقراءتهم حسبما قال.

تعليقات